الباب الخامس بيان فقه وشدة العالم عن العابد على الشيطان روى الترمذي من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد وقال ابن عبيد حدثني أبو عبد الله بن بحير حدثنا علي بن عاصم عن بعض البصريين قال كان عالم وعابد متآخين في الله فقالت الشياطين لإبليس إنا لا نقدر أن نفرق بينهما فقال إبليس لعنه الله أنا لهما فجلس بطريق العابد إذا اقبل العابد حتى إذا دنا من إبليس قام إليه في مثل شيخ كبير بين عينيه أثر السجود فقال للعابد أنه قد حاك في صدري شيء أحببت أن أسألك عنه فقال له العابد سل فأن يكن عندي علم أخبرتك عنه فقال له إبليس هل يستطيع الله عز وجل أن يحمل السماوات والأرض والجبال والشجر والماء في بيضة من غير أن يزيد في البيضة شيئاً ومن غير أن ينقص ومن غير أن يزيد في هذا شيئاً فوقف العابد كالمتعجب فقال إبليس امضي ثم التفت إلى أصحابه أما هذا فقد أهلكته وجعلته شاكاً في الله تعالى يا هذ اأنه قد حاك في صدري شيء أحببت أن أسألك عنه فقال له العابد سل فأن يكن عندي علم أخبرتك عنه فقال له إبليس هل يستطيع الله عز وجل أن يحمل السماوات والأرض والجبال والشجر والماء في بيضة من غير أن يزيد في البيضة شيئاً ومن غير أن ينقص ومن غير أن يزيد في هذا شيئا فقال العالم بكل اعتزاز وقال إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فقال إبليس لصحابه من قبل هذا أتيتم نسأل الله العصمة.
ومن الطريف الذي يحكى في هذا الموضوع أن إبليس ظهر لعبد القادر الجيلاني[1] على هيئة نور في الأفق فقال له يا عبد القادر أنا ربك قال كذبت فرد عليه بقوله يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بأمر ربك ولولا علمك لهلكت ولقد أضللت مثلك سبعين من العباد. كما يحكى إن إبليس رأى عابداً يسير متنحياً عن جثة آدمي فظهر له وأخبره لأصحابه أنه ارتكب كبيرة لأنه أبى أن يشم رائحة آدمي مثله وصيره هو هكذا فطلب العابد النصيحة فأخبره أن يصطاد فأراً جبلياً ويعلقه في رقبته حين العبادة وفعل العابد وظل يعبد الله سبعون عاماً حاملاً النجاسة حول رقبته ولذلك فحقاً فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولذلك نقول لأخواننا عليكم بالعلم فأنه الطريق إلى الفلاح فالفلاح في كل شيء.
لأن العالم له فضل كبير على العابد فقد ذكر في القرآن الكريم في عدة مواضع ذكر فضل العلماء فقال المولى سبحانه وتعالى
(شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) سورة آل عمران – الآية {18}
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون)َ سورة النحل - الآية{43}
(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) سورة العنكبوت – الآية 43
(بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) سورة العنكبوت – الآية {49}
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) سورة فاطر – الآية {28}
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَاب) سورة الزمر – الآية 9 ِ
ومن الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العلماء
"العلماء ورثة الأنبياء"
" فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"
" أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قالَ لاَ. قالَ أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ؟ قالَ لاَ. قالَ مَا جِئتُ إِلاّ في طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ. قالَ: فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيِه عِلْماً سَلَكَ الله له طَرِيقاً إِلَى الْجَنّةِ، وَإِنّ المَلاَئِكَةَ لتَضَعُ أَجْنَحِتَهَا رِضًى لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنّ العَالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السّمَواتِ وَمَنْ في اْلأَرْضِ حَتّى الْحِيتَانُ في المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إنّ الاْنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً، إِنّمَا وَرّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍ وَافِر"ٍ.
"يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء"
"من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي"
"نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم"
"ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه"
وقال في فضل العلماء الإمام علي كرم الله وجهه " كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه ، ويفرح به إذا نسب إليه ، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه".
وكذلك قال " أن من حق العالم ، ألا تكثر عليه السؤال ، ولا تعنته في الجواب ، ولا تلح عليه إذا كسل ، وتأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تفشي له سراً ، ولا تغتابن أحداً عنده ، ولا تطلبن عثرته ، وان زل قبلت معذرته وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى ما دام يحفظ أمر الله تعالى ولا تجلس أمامه وان كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته".
وكذلك قال في فضل العلماء أبو حامد الغزالي حيث قال أن التعليم صناعة أشرف الصناع.
ونصير الدين الطوسي[2] " ينبغي لطالب العلم أن لا يجلس قريباً من الأستاذ عند السبق بغير ضرورة بل ينبغي أن يكون بينه وبين الأستاذ قد القوس ، لأنه أقرب إلى التعظيم".
يقول الجبرتي[3] في فضل العلماء (العلماء الذين هم ورثة الأنبياء فهم فهموا مقامات القدوة من الانبياء وان لم يعطوا درجاتهم واقتدوا بهداهم واقتفوا آثارهم إذ هم أحباب الله وصفوته من خلقه ومشرق نور حكمته فصدقوا بما أتوا به وسروا على سبيلهم وأيدوا دعوتهم ونشروا حكمتهم كشفا وفهما ذوقا وتحقيقا إيمانا وعلما بكمال المتابعة لهم ظاهرا وباطنا فلا يزالون مواظبين على تمهيد قواعد العدل واظهار الحق مطلع شمس مشارق انوارهم مقتبس من مشكاة النبوة المصطفية ومعدن شجرة أسرارهم مؤيد بالكتاب والسنة لا أحصي ثناء عليهم أفض اللهم علينا مما لديهم)
ولكن أي عالم يطلق عليه ذلك بل
علامات العلم بعلمه قال بعض العلماء: اعلم أن للعالم العامل بعلمه حقيقة علامات وإمارات تفرق بينه وبين علماء اللسان المخلطين المتبعين للهوى المؤثرين الدنيا على الاخرة المحبين للظهور والشهرة فمن علامات العالم الحقيقي الممتاز أن يكون متواضعاً خائفاً وجلاً مشفقاً من خشية الله. زاهداً في الدنيا قانعاً باليسير منها بعيداً عن الحسد والعجب والغيبة والنميمة والمداهنة ملتمساً للفقراء والمساكين بدينهم الخالية بيوتهم من الملاهي والمنكرات الذين ليس لهم موارد ولا مساكن ليسعفهم بما يقدر عليه من مال وجاه ناصحاً لعباد الله شفيقاً عليهم رحيماً بهم وآمراًُ بالمعروف فاعلاً له وناهياً عن المنكر ومجتنباً له مسارعاً في الخيرات ملازماً للعبادات دالاً على الخير داعياً إلى الهدى ذا صمت وتودة ووقار وسكينة حسن الأخلاق واسع الصدر لين الجانب مخفوض الجناح للمؤمنين لا متكبراً ولا متجبراً ولا طامعاً في الناس ولا حريصاً على الدنيا ولا مؤثراً لها على الآخرة ولا منهمكاً بجمع المال ولا غشاشاً ولا مقدماً للأغنياء على الفقراء ولا مرائياً ولا محباً للولايات بالجملة فيكون متصفاً بجميع ما يحثه عليه الكتاب والسنة مؤتمراً بما يأمرانه به من الأخلاق المحمودة والأعمال الصالحة مجانباً لما ينهى عنه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق والأعمال المذمومة وهذه صفات ينبغي أن يتصف ويتحلى بها كل مؤمن إلا أن العالم وطالب العلم أولى أن يتصف بها ويحافظ عليها ويدعو إليها.
ولكن حال العلماء انتكس في عصرنا هذا ولم يعد لهم دور وهذا منذ عهد محمد علي باشا فيذكر الجبرتي في أحداث عام 1224 هـ الموافق عام 1809م بعد نفي عمر مكرم إلى دمياط ما الحال التي وصلت إليها علماء الأزهر الشريف من الانحطاط والتدهور حيث انهمكوا في الأمور الدنيوية والحظوظ النفسانية والوساوس الشيطانية ...الخ.
[1] عبد القادر الجيلاني (1077-1166م) : ولد بجيلان ثم انتقل إلى بغداد في عام 1095م وهناك تتلمذ على كبار الشيوخ مثل أبي سعيد المحرمي وأجاد الفقه والأدب واشتغل بالوعظ والتعليم ثم مال للتصوف ولجأ للخلوة ومجاهدة النفس وعزف عن ضجيج المدن فاتجه إلى الصحراء مما جعله أن يعيش فقيراً لأنه كان يوزع الهدايا والأموال التي يحصلها من السلاطين على الحاضرين وعلى المريدين والجيران مما أوجد طريقة في التصوف الإسلامي تدعى بالطريقة القادرية التي كان لها السبب في نشر الإسلام في منطقة جنوب الصحراء الكبرى
[2] نصير الدين الطوسي (1173-1274م) : أحد علماء الفلك المسلمون كان وزيراً لهولاكو
[3] الجبرتي – عجائب الآثار في التراجم والأخبار – الجزء الأول – ص 15 ، 16
ومن الطريف الذي يحكى في هذا الموضوع أن إبليس ظهر لعبد القادر الجيلاني[1] على هيئة نور في الأفق فقال له يا عبد القادر أنا ربك قال كذبت فرد عليه بقوله يا عبد القادر نجوت مني بعلمك بأمر ربك ولولا علمك لهلكت ولقد أضللت مثلك سبعين من العباد. كما يحكى إن إبليس رأى عابداً يسير متنحياً عن جثة آدمي فظهر له وأخبره لأصحابه أنه ارتكب كبيرة لأنه أبى أن يشم رائحة آدمي مثله وصيره هو هكذا فطلب العابد النصيحة فأخبره أن يصطاد فأراً جبلياً ويعلقه في رقبته حين العبادة وفعل العابد وظل يعبد الله سبعون عاماً حاملاً النجاسة حول رقبته ولذلك فحقاً فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولذلك نقول لأخواننا عليكم بالعلم فأنه الطريق إلى الفلاح فالفلاح في كل شيء.
لأن العالم له فضل كبير على العابد فقد ذكر في القرآن الكريم في عدة مواضع ذكر فضل العلماء فقال المولى سبحانه وتعالى
(شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) سورة آل عمران – الآية {18}
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُون)َ سورة النحل - الآية{43}
(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) سورة العنكبوت – الآية 43
(بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) سورة العنكبوت – الآية {49}
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) سورة فاطر – الآية {28}
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَاب) سورة الزمر – الآية 9 ِ
ومن الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العلماء
"العلماء ورثة الأنبياء"
" فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"
" أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ؟ قالَ لاَ. قالَ أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ؟ قالَ لاَ. قالَ مَا جِئتُ إِلاّ في طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ. قالَ: فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيِه عِلْماً سَلَكَ الله له طَرِيقاً إِلَى الْجَنّةِ، وَإِنّ المَلاَئِكَةَ لتَضَعُ أَجْنَحِتَهَا رِضًى لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنّ العَالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السّمَواتِ وَمَنْ في اْلأَرْضِ حَتّى الْحِيتَانُ في المَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إنّ الاْنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً، إِنّمَا وَرّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍ وَافِر"ٍ.
"يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء"
"من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي"
"نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم"
"ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه"
وقال في فضل العلماء الإمام علي كرم الله وجهه " كفى بالعلم شرفاً أن يدعيه من لا يحسنه ، ويفرح به إذا نسب إليه ، وكفى بالجهل ذماً أن يتبرأ منه من هو فيه".
وكذلك قال " أن من حق العالم ، ألا تكثر عليه السؤال ، ولا تعنته في الجواب ، ولا تلح عليه إذا كسل ، وتأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تفشي له سراً ، ولا تغتابن أحداً عنده ، ولا تطلبن عثرته ، وان زل قبلت معذرته وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى ما دام يحفظ أمر الله تعالى ولا تجلس أمامه وان كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته".
وكذلك قال في فضل العلماء أبو حامد الغزالي حيث قال أن التعليم صناعة أشرف الصناع.
ونصير الدين الطوسي[2] " ينبغي لطالب العلم أن لا يجلس قريباً من الأستاذ عند السبق بغير ضرورة بل ينبغي أن يكون بينه وبين الأستاذ قد القوس ، لأنه أقرب إلى التعظيم".
يقول الجبرتي[3] في فضل العلماء (العلماء الذين هم ورثة الأنبياء فهم فهموا مقامات القدوة من الانبياء وان لم يعطوا درجاتهم واقتدوا بهداهم واقتفوا آثارهم إذ هم أحباب الله وصفوته من خلقه ومشرق نور حكمته فصدقوا بما أتوا به وسروا على سبيلهم وأيدوا دعوتهم ونشروا حكمتهم كشفا وفهما ذوقا وتحقيقا إيمانا وعلما بكمال المتابعة لهم ظاهرا وباطنا فلا يزالون مواظبين على تمهيد قواعد العدل واظهار الحق مطلع شمس مشارق انوارهم مقتبس من مشكاة النبوة المصطفية ومعدن شجرة أسرارهم مؤيد بالكتاب والسنة لا أحصي ثناء عليهم أفض اللهم علينا مما لديهم)
ولكن أي عالم يطلق عليه ذلك بل
علامات العلم بعلمه قال بعض العلماء: اعلم أن للعالم العامل بعلمه حقيقة علامات وإمارات تفرق بينه وبين علماء اللسان المخلطين المتبعين للهوى المؤثرين الدنيا على الاخرة المحبين للظهور والشهرة فمن علامات العالم الحقيقي الممتاز أن يكون متواضعاً خائفاً وجلاً مشفقاً من خشية الله. زاهداً في الدنيا قانعاً باليسير منها بعيداً عن الحسد والعجب والغيبة والنميمة والمداهنة ملتمساً للفقراء والمساكين بدينهم الخالية بيوتهم من الملاهي والمنكرات الذين ليس لهم موارد ولا مساكن ليسعفهم بما يقدر عليه من مال وجاه ناصحاً لعباد الله شفيقاً عليهم رحيماً بهم وآمراًُ بالمعروف فاعلاً له وناهياً عن المنكر ومجتنباً له مسارعاً في الخيرات ملازماً للعبادات دالاً على الخير داعياً إلى الهدى ذا صمت وتودة ووقار وسكينة حسن الأخلاق واسع الصدر لين الجانب مخفوض الجناح للمؤمنين لا متكبراً ولا متجبراً ولا طامعاً في الناس ولا حريصاً على الدنيا ولا مؤثراً لها على الآخرة ولا منهمكاً بجمع المال ولا غشاشاً ولا مقدماً للأغنياء على الفقراء ولا مرائياً ولا محباً للولايات بالجملة فيكون متصفاً بجميع ما يحثه عليه الكتاب والسنة مؤتمراً بما يأمرانه به من الأخلاق المحمودة والأعمال الصالحة مجانباً لما ينهى عنه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق والأعمال المذمومة وهذه صفات ينبغي أن يتصف ويتحلى بها كل مؤمن إلا أن العالم وطالب العلم أولى أن يتصف بها ويحافظ عليها ويدعو إليها.
ولكن حال العلماء انتكس في عصرنا هذا ولم يعد لهم دور وهذا منذ عهد محمد علي باشا فيذكر الجبرتي في أحداث عام 1224 هـ الموافق عام 1809م بعد نفي عمر مكرم إلى دمياط ما الحال التي وصلت إليها علماء الأزهر الشريف من الانحطاط والتدهور حيث انهمكوا في الأمور الدنيوية والحظوظ النفسانية والوساوس الشيطانية ...الخ.
[1] عبد القادر الجيلاني (1077-1166م) : ولد بجيلان ثم انتقل إلى بغداد في عام 1095م وهناك تتلمذ على كبار الشيوخ مثل أبي سعيد المحرمي وأجاد الفقه والأدب واشتغل بالوعظ والتعليم ثم مال للتصوف ولجأ للخلوة ومجاهدة النفس وعزف عن ضجيج المدن فاتجه إلى الصحراء مما جعله أن يعيش فقيراً لأنه كان يوزع الهدايا والأموال التي يحصلها من السلاطين على الحاضرين وعلى المريدين والجيران مما أوجد طريقة في التصوف الإسلامي تدعى بالطريقة القادرية التي كان لها السبب في نشر الإسلام في منطقة جنوب الصحراء الكبرى
[2] نصير الدين الطوسي (1173-1274م) : أحد علماء الفلك المسلمون كان وزيراً لهولاكو
[3] الجبرتي – عجائب الآثار في التراجم والأخبار – الجزء الأول – ص 15 ، 16